الرئيسة - الاتباع دليل المحبة - ضوابط العبادة الصحيحة
 

بسم الله الرحمن الرحيم

ضوابط العبادة الصحيحة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن العبادة التي يعملها العبد يتقرب بها إلى الله تعالى لابد وأن يكون لها ضوابط وشروط حتى تكون مقبولة عند الله تعالى، ومن هذه الضوابط على سبيل الاختصار:

أولاً: أنها توقيفية، بمعنى: أنه لا مجال للرأي فيها، بل لا بد أن يكون المشرع لها هو الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى لنبيه: ((فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا))[هود:112] .

وقال تعالى: ((ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)) [الجاثية:18].

وقال عن نبيه: ((إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ))[الأحقاف:9] .

ثانياً: لا بد أن تكون العبادة خالصة لله تعالى من شوائب الشرك، كما قال تعالى: ((فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا))[الكهف:110] .

فإن خالط العبادة شيء من الشرك أبطلها، كما قال تعالى: ((وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:88].

وقال تعالى: ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)) [الزمر:65-66].

ثالثاً: لا بد أن يكون القدوة في العبادة والمبين لها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ))[الأحزاب:21] ، وقال تعالى: ((وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا))[الحشر:7] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد} ، وفي رواية: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد}  وقوله صلى الله عليه وسلم: {صلوا كما رأيتموني أصلي}  وقوله صلى الله عليه وسلم: {خذوا عني مناسككم}  إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.

رابعاً: أن العبادة محددة بمواقيت ومقادير لا يجوز تعديها وتجاوزها كالصلاة مثلاً، قال تعالى: ((إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا))[النساء:103] ، وكالحج، قال تعالى: ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ))[البقرة:197] وكالصيام، قال تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ))[البقرة:185] .

خامساً: لا بد أن تكون العبادة قائمة على محبة الله تعالى والذل له والخوف فيه ورجائه، قال تعالى: ((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ))[الإسراء:57] وقال تعالى عن أنبيائه: ((فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ))[الأنبياء:90] وقال تعالى: ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ))[آل عمران:31-32] فذكر سبحانه علامات محبة الله وثمراتها: أما أعلاها فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأما ثمراتها فنيل محبة الله سبحانه ومغفرة الذنوب والرحمة منه سبحانه.

سادساً: أن العبادة لا تسقط عن المكلف من بلوغه عاقلاً إلى وفاته، قال تعالى: ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ))[الحجر:99] تلكم الأمور الستة هي ضوابط العبادة الصحيحة التي شرعها الله سبحانه وتعالى وأمر بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يبلغها للناس أجمع وأما حقيقة الصوفية وما هم عليه اليوم من انحرافات عن حقيقة العبادة الصحيحة... فذكر ذلك يطول جداً وليس مكانه هنا وإنما هو في تلك المؤلفات المطولة التي تصدت لها وكشفت زيغها.

اقتبس هذا المقال من بحث بعنوان: (شبهات وردود عن حكم المولد النبوي)، للشيخ: عادل الفريدان.

والحمد لله رب العالمين...