بدعة زيادة العاطس (الصلاة والسلام على الرسول) بعد الحمد

بدعة زيادة العاطس (الصلاة والسلام على الرسول) بعد الحمد





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ السُّنة في العطاس أن يقول العاطس "الحمد لله"، ولا يزيد على ذلك شيئًا؛ للأحاديث الكثيرة الواردة في ذلك؛ ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه  مرفوعًا: ((إذا عطسَ أحدُكُم فليقُل: الحمدُ للهِ، وليقُلْ له أخوه أو صاحبُه: يرحَمُكَ اللهُ ...)) الحديث([1])، وغيره من الأحاديث.

وأما زيادة "الصلاة والسلام على رسول الله" على "الحمد لله" فلا أصل لها في السنة الطهرة، فهي كزيادة "الرحمن الرحيم" بعد "بسم الله" على الطعام كما سبق؛ لذا فلا يجوز الإتيان بها في العطاس، لأن ألفاظ الأذكار توقيفية كما تقدم.

ولهذا لما عطسَ رجلٌ إلى جنب عبد الله بن عمر، فقال: (الحمدُ للهِ والسلامُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، فأنكر عليه ابنُ عمر، وقال: (وأنا أقولُ: الحمد للهِ والسلامُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وليس هكذا علَّمَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، علَّمَنا أن نقول: الحمدُ للهِ على كلِّ حالٍ)([2]).

قال العلامة ابن علان في شرحه لهذا الأثر: (قولُه: فقالَ: الحمدُ للهِ والسلامُ على رسولِ اللهِ، يحتم أن يكونَ من جهلِه بالحكمِ الشرعي، أو ظنَّ أنه يُستحبُ زيادة السلام عليه صلى الله عليه وسلم هنا، لأنه من جملةِ الأذكارِ أو جزاء على تأديبِه لنا أدبَ الأبرارِ، وقياسًا على ذكرِه بعدَ الحمد للهِ في كثيرٍ من الأمورِ، كابتداءِ الخطبةِ ودخولِ المسجدِ.

لكن لمَّا كان هذا من بابِ القياسِ مع وجودِ الفارقِ، قال ابن عمر: "وأنا أقول ..."، أي: لأنهما ذكران شريفان، لكن لكلِّ مقامٍ مقال، كما أشار إليه بقوله: "وليس هكذا"، أي ليس ضم "السلام" إلى "محمد" من الأدب المأمور به هنا، بل الأدب الاتباع من غيرِ زيادةٍ ولا نقصان من تلقاء النفس ... أما ضمُّ ذكرٍ آخر إليه فغيرُ مستحسن، لأن من سمعه ربما يتوهم أنه من جملةِ المأمورِ به)([3]).

  وقال الشيخ الألباني - رحمه الله -: (وقد أنكرَها عبدُ اللهِ بن عمر رضي الله عنه كما في "مستدرك الحاكم"، وجزمَ السيوطي في "الحاوي للتفاوي" بأنها بدعة مذمومة، وقال ابن عابدين في "الحاشية" بكراهيتها، فهل يستطيع المقلدون الإجابةَ عن السببِ الذي حملَ السيوطي على الجزمِ بذلك؟!

  قد يبادرُ بعضُ المغفلين منهم فيتهمه - كما هي عادتهم - بأنه وهابي!! مع أن وفاته كانت قبلَ وفاةِ محمد بن عبد الوهاب بنحو ثلاثمائة سنة!! وقد يسارعُ آخرون إلى تخظئةِ السيوطي، ولكن أينَ الدليل؟! الدليلُ معه، وهو قولُه صلى الله عليه وسلم: ((منْ أَحْدَثَ في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ)))([4]).



([1]) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب إذا عطس كيف يشمت، مع الفتح (10/608)، (6224).

([2]) رواه الترمذي، كتاب الأدب، باب ما يقول العاطس إذا عطس، (3738)، والحاكم في المستدرك، (4/295)، وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد)، وحسَّن إسناده الألباني في صحيح سنن الترمذي، (2738).

([3]) الفتوحات الربانية، ابن علان الصديقي، (3/135).

([4]) السلسلة الصحيحة، الألباني، (1/153).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
بدعة زيادة العاطس (الصلاة والسلام على الرسول) بعد الحمد.doc doc
بدعة زيادة العاطس (الصلاة والسلام على الرسول) بعد الحمد.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى