علامات أهل اليقين بالله

علامات أهل اليقين بالله





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ كيف تعرف أن عندك يقينًا، وأنك مُتحلٍّ بهذه الصفة العظيمة؟
لأهل اليقين علامات يُعرفون بها، ويشعرون بأنفسهم بقوة يقينهم، وتميزهم عن غيرهم بهذه الصفة العظيمة، ومن تلك العلامات على سبيل الإجمال ما يلي:
  • تعلق قلبك بالله تعالى وببيوته ومساجده، وحرصك على إقامة الصلوات فيها، وإحساسك بالراحة في المكث فيها.
  • ميل قلبك إلى مداومة قراءة القرآن وحفظه، وحرصك على فهمه وتدبره والعمل بما فيه.
  • حبك لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وحرصك على اتباع ما كان عليه الرسول وأصحابه.
  • خوفك من الله تعالى وخشيتك من عذاب الله تعالى، وحذرك من الوقوع في المعاصي.
  • رجاؤك ما عند الله تعالى، وإحسان ظنك بالله جل وعلا، وإلحاحك بالدعاء.
  • تذكرك للموت وما بعده من مشاهد عظيمة في القبر ويوم القيامة، واستعدادك لذلك يدل على قوة يقينك.
  • خوفك على دينك وإيمانك من الضعف والنقص، وحرصك على إتمام النقص بإقامة النوافل من الصلوات والصدقات والصيام والعمرة والحج وغيرها من العبادات.
  • تمعُّر وجهك غضبًا لله تعالى إذا انتُهكت محارمُ الله، وإذا قرأتَ أو سمعتَ من يلمزُ شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو يتنقصُ أحدًا من أهل العلم والخير والصلاح.
  • قناعتك واطمئنانك بما رزقك الله تعالى، والحرص على شكر الله على نعمائه.
  • حبك لدعوة الناس للخير والاستقامة، وفرحك بانتصار دين الله عز وجل وظهور أتباعه دليلٌ على يقينك.
قَالَ عَلِيُّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَقَدْ سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الْخَوَارِجِ يَقْرَأُ بِتَحْزِينٍ وَصَوْتٍ شَجِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: (نَوْمٌ عَلَى يَقِينٍ خَيْرٌ مِنْ صَلاةٍ عَلَى شَكٍّ)([1]).
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال: (وَخَيْرُ مَا أُلْقِيَ فِي الْقَلْبِ الْيَقِينُ، وَخَيْرُ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ، وَخَيْرُ الْعِلْمِ مَا نَفَعَ، وَخَيْرُ الْهُدَى مَا اتُّبِعَ، وَمَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى)([2]).
وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: (الْفَرَحُ وَالرَّوْحُ فِي الْيَقِينِ وَالرِّضَى، وَالْغَمُّ وَالْحَزَنُ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَط)([3]).
وعن أَبي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ أنه دَخَلَ عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: (أَوْصِنَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَمَا جَاءَكَ الْيَقِينُ؟ قَالَ: بَلَى وَرَبِّي، قَالَ: فَإنَّ الضَّلَالَةَ حَقٌّ، الضَّلَالَةُ أَنْ تَعْرِفَ الْيَوْمَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَأَنْ تُنْكِرَ الْيَوْمَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ فَإنَّ دِينَ اللَّهِ وَاحِدٌ)([4]).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: (مِنَ الْيَقِينِ يَقِينًا تَجِدُهُ صَلِيبًا لَا يُغَيِّرُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَسْتَشْرِكُهُ الشَّيْطَانُ، وَمِنَ الْيَقِينِ يَقِينًا تَجِدُهُ وَفِيهِ ضَعْفٌ)([5]).
وعن عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قال: (كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا، وَكَفَى بِالْيَقِينِ غِنًى، وَكَفَى بِالْعِبَادَةِ شُغْلًا)([6]).
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: (يَا حَبَّذَا نَوْمُ الْأَكْيَاسِ وَإِفْطَارُهُمْ، كَيْفَ يَعِيبُونَ سَهَرَ الْحَمْقَى وَصِيَامَهُمْ؟! وَمِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ بِرِّ صَاحِبِ تَقْوَى وَيَقِينٍ أَعْظَمُ وَأَفْضَلُ وَأَرْجَحُ مِنْ أَمْثَالِ الْجِبَالِ مِنْ عِبَادَةِ الْمُغْتَرِّينَ)([7]).
وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: (قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَكَارِهِ مِنْ حُسْنِ الْيَقِينِ، وَإِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ كَمَالًا وَغَايَةً، وَكَمَالُ الْعِبَادَةِ الْوَرَعُ وَالْيَقِينُ)([8]).
وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: (مَا أَيْقَنَ عَبْدٌ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَقَّ يَقِينِهِمَا إِلَّا خَشَعَ وَوَجِلَ، وَذَلَّ وَاسْتَقَامَ، وَاقْتَصَرَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ)([9])، وعن الْحَسَنَ قال: (يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّ مِنْ ضَعْفِ يَقِينِكَ أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي يَدِكَ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ عز وجل)([10]).
وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: (يَا بُنَيَّ الْعَمَلُ لَا يُسْتَطَاعُ إِلَّا بِالْيَقِينِ، وَمَنْ يَضْعُفْ يَقِينُهُ يَضْعُفْ عَمَلُهُ)، قَالَ: وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: (يَا بُنَيَّ؛ إِذَا جَاءَكَ الشَّيْطَانُ مِنْ قِبَلِ الشَّكِّ وَالرِّيبَةِ فَاغْلِبْهُ بِالْيَقِينِ وَالصِّحَّةِ، وَإِذَا جَاءَكَ مِنْ قِبَلِ الْكَسَلِ وَالسَّآمَةِ فَاغْلِبْهُ بِذِكْرِ الْقَبْرِ وَالضَّمَّةِ، وَإِذَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ فَأَخْبِرْهُ أَنَّ الدُّنْيَا مُقَارَفَةٌ وَمَتْرُوكَةٌ)([11]).
وعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: (لَوْ أَنَّ الْيَقِينَ اسْتَقَرَّ فِي الْقَلْبِ كَمَا يَنْبَغِي؛ لَطَارَ فَرَحًا وَحُزْنًا وَشَوْقًا إِلَى الْجَنَّةِ، أَوْ خَوْفًا مِنَ النَّارِ)([12]).
وعن مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: (قُلْتُ لِشَقِيقٍ: مَتَى أُوَفَّقُ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ؟ قَالَ: إِذَا جَعَلْتَ أَحْدَاثَ يَوْمِكَ وَلَيْلَتِكَ مُتَقَدِّمَةً عِنْدَ اللهِ، قُلْتُ: فَمَتَى أَتَوَكَّلُ؟ قَالَ: إِنَّ الْيَقِينَ إِذَا تَمَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللهِ عز وجل سُمِّيَ تَمَامُهُ تَوَكُّلًا)([13]).
وعن أَبي جَعْفَرٍ الْأَدَمِيُّ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: (الْهَمُّ بِالْعَمَلِ يُورِثُ الْفِكْرَةَ، وَالْفِكْرَةُ تُوَرِّثُ الْعِبْرَةَ، وَالْعِبْرَةُ تُورِثُ الْحَزْمَ، وَالْحَزْمُ يُورِثُ الْعَزْمَ، وْالْعَزْمُ يُورِثُ الْيَقِينَ، وَالْيَقِينُ يُوَرِثُ الْغِنَى، وَالْغِنَى يُوَرِثُ الشُّكْرَ، وَالشُّكْرُ يُورِثُ الْمَزِيدَ، وَالْمَزِيدُ يُورِثُ الْجَنَّةَ)([14]).
وعن يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ قال: (عَجَبًا كَيْفَ تَنَامُ عَيْنٌ مَعَ الْمَخَافَةِ، أَوْ يَغْفَلُ قَلْبٌ بَعْدَ الْيَقِينِ بِالْمُحَاسَبَةِ، وَمَنْ عَرَفَ وُجُوبَ حَقِّ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ؛ لَمْ تَسْتَحِلْ عَيْنَاهُ أَحَدًا إِلَّا بِإِعْطَاءِ الْمَجْهُودِ مِنْ نَفْسِهِ.
خَلَقَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْقُلُوبَ فَجَعَلَهَا مَسَاكِنَ لِلذِّكْرِ، فَصَارَتْ مَسَاكِنَ لِلشَّهَوَاتِ، إِنَّ الشَّهَوَاتِ مُفْسِدَةٌ لِلْقُلُوبِ، وَتَلَفُ الْأَمْوَالِ، وَإِذْلَاقُ الْوُجُوهِ، وَلَا يَمْحُو الشَّهَوَاتِ مِنَ الْقُلُوبِ إِلَّا خَوْفٌ مُزْعِجٌ أَوْ شَوْقٌ مُقْلِقٌ)([15]).
وقال الإمام ابن القيم: (مَتَّى وَصَلَ الْيَقِينُ إِلَى الْقَلْبِ امْتَلَأَ نُورًا وَإِشْرَاقًا، وَانْتَفَى عَنْهُ كُلُّ رَيْبٍ وَشَكٍّ وَسَخَطٍ وَهَمٍّ وَغَمٍّ، فَامْتَلَأَ مَحَبَّةً لِلَّهِ، وَخَوْفًا مِنْهُ، وَرِضًا بِهِ، وَشْكْرًا لَهُ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ، وَإِنَابَةً إِلَيْهِ، فَهُوَ مَادَّةُ جَمِيعِ الْمَقَامَاتِ وَالْحَامِلُ لَهَا)([16]).
 

الهوامش:
([1]) المجالسة وجواهر العلم، الدينوري، (7/74)، رقم: (2944).
([2]) جامع معمر بن راشد، (11/159)، رقم: (20198).
([3]) الزهد والرقائق، ابن المبارك، والزهد، نعيم، ب حماد، (1/355)، رقم: (1004).
([4]) جامع معمر بن راشد، (11/249)، رقم: (20454).
([5]) الزهد، أبو داوود، (1/259)، رقم: (291).
([6]) اليقين، ابن أبي الدنيا، ص(46)، رقم: (30).
([7]) حلية الأولياء، أبو نعيم، (1/211).
([8]) اليقين، ابن أبي الدنيا، ص(37)، رقم: (14).
([9]) المصدر السابق، ص(38)، رقم: (16).
([10]) المصدر السابق، ص(48)، رقم: (33).
([11]) المصدر السابق، ص(45)، رقم: (29).
([12]) حلية الأولياء، أبو نعيم، (7/17).
([13]) المجالسة وجواهر العلم، الدينوري، (6/393)، رقم: (2809).
([14]) العظمة، أبو الشيخ الأصبهاني، (1/264)، رقم: (40).
([15]) المجالسة وجواهر العلم، الدينوري، (5/183)، رقم: (2006).
([16]) مدارج السالكين، ابن القيم، (2/375).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
علامات أهل اليقين بالله doc
علامات أهل اليقين بالله pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى