شبهاتُ المخالفين بتعظيم الأماكن في مكة والردُّ عليها 1

شبهاتُ المخالفين بتعظيم الأماكن في مكة والردُّ عليها 1






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛
استندَ منْ يُجَوِّزُ تعيظمَ هذه الأماكنَ بشبهاتٍ عديدةٍ، وللرافضةِ النصيبُ الأوفرُ وَالتلبيسُ الأكبرُ في هذا التقديسِ المبتدعِ([1])، ولم أوردْ شبهاتِهم لاختلافِ منهجِهم في التعاملِ مع السنةِ النبويةِ، ولكني أوردتُ بعضَ الشبهاتِ التي تأثَّرَ بها بعضُ المعاصرين، والتي ذكرَها بعضُ العلماءِ السابقين، معْ ملاحظةِ البونِ الشاسعِ والفرقِ الواسعِ بينَ مرادِ هؤلاءِ العلماءِ وبينَ ما يفعلُه الروافضُ، وسأذكرُ أبرزَ هذه الشبهاتِ مع الردِّ عليها بإذنِ اللهِ تعالى([2]):
الشبهةُ الأولى:
حديثُ عتبان بن مالك؛ ففي الصحيحين: ((أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي، وَإِذَا كَانَ الْأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بِهِمْ، وَدِدْتُ أَنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْتِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي حَتَّى أَتَّخِذَهُ مُصَلًّى.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَأَفْعَلُ، قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حِينَ دَخَلَ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ قَالَ: فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَبَّرَ فَقُمْنَا وَرَاءَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ))([3]).
قالوا: إنَّ عتبان بن مالك أرادَ تخصيصَ البقعةِ التي صلَّى فيها النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم - فأقرَّه النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم -، قالَ ابنُ حجر: (وفيه التبركُ بالمواضع التي صلَّى فيها النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم - أوْ وَطِئَها)([4]).
الردُّ عليها مِنْ وجوه:
أحدها: أنَّ عتبان - رضيَ اللهُ عنه - كانَ مقصودُه بناءَ مسجدٍ لحاجتِه إليه، فأحبَّ أنْ يكونَ موضعًا يصلي له فيه النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم -، ليكونَ النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم - هوَ الذي رسمَ المسجدَ - كمَا أنَّه صلى اللهُ عليه وسلم بنى مسجدَ قباء وبنى مسجدَه -، وهذا بخلافِ مكانٍ صلَّى فيه النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم - اتفاقًا فاتُّخِذَ مسجدًا، لا لحاجةٍ إلى المسجدِ في هذا المكانِ، لكن لأجلِ صلاته فيه فقطْ([5]).
ويشهدُ لهذا المعنى روايةُ مسلم لحديثِ عتبان بن مالك وفيها: ((فَأَرْسَلَ إلى رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - فقالَ: تَعَالَ فَخُطَّ لِي مَسْجِدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَجَاءَ قَوْمُهُ وَنُعِتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ...))([6]).
الوجهُ الثاني: الحديثُ ليسَ صريحًا في قَصْدِ عتبان - رضيَ اللهُ عنه - أنْ يتبرَّكَ بالموضعِ الذي صلَّى فيه رسولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم -، بلْ يحتملُ أنَّه قصدَ أنْ يُقِرَّهُ الرسولُ - صلى اللهُ عليه وسلم - على الصلاةِ جماعةً في دارِه عندَ عدمِ استطاعتِه حضورَ الجماعةِ عندَما يسيلُ الوادي، فأرادَ أنْ يفتتحَ له رسولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - مسجدًا في منزلِه.
ولأجلِ هذا بَوَّبَ البخاري في صحيحِه بعنوان: "بابُ المساجد في البيوتِ وصلَّى البراءُ بنُ عازب في مسجدِه في دارِه جماعةً"، وهذا مِنْ فقهِهِ يرحمهُ اللهُ، فالمقصودُ هوَ أنْ يسنَّ له الرسولُ - صلى اللهُ عليه وسلم - الصلاةَ جماعةً في منزلِه عندَ الحاجةِ، كمَا أنَّ الصحابيَّ الآخرَ البراء بن عازب فعلَ الجماعةَ في مسجدِه في دارِه، ولمْ ينكرْ عليه وهوَ في زمنِ التشريعِ.
وقدْ يكونُ مِنْ مقصودِ عتبان - رضيَ اللهُ عنه - إصابةَ عينِ القبلةِ، فإنَّ الرسولَ - صلى اللهُ عليه وسلم - لا يقرُّ على خطأ ولوْ صلَّى إلى غيرِ جهةِ القبلةِ؛ قالَ ابنُ حجر: (ويحتملُ أَنْ يكونَ عتبان إنما طَلَبَ بذلكَ الوقفَ على جهةِ القِبْلَةِ بالقطعِ)([7]).
ولوْ كانَ قصدث عتبان - رضيّ اللهُ عنه - التبركَ بموضِعِ مصلَّاه - صلى اللهُ عليه وسلم -؛ لبقيَ هذا الموضعُ يتبركُ به الورثةُ فَمَنْ بعدَهم، كمَا كانَ الصحابةُ يتداولون قدحَ رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - وشعرَه - صلى اللهُ عليه وسلم - لأجلِ التبركِ بِه([8]).
الوجهُ الثالثُ: أنْ يُقَالَ: حديث عتبان ليسَ في محلِّ النزاعِ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى اللهُ عليه وسلم - قصدَ هذا المكانَ بذاتِه للعبادةِ فيه، والمسألةُ المُتَنَازَعُ فيها تتعلقُ بمكانٍ لمْ يقصدْه النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم - لذاتِه وإنَّما صلَّى فيه اتفاقًا([9]).
الشبهةُ الثانيةُ:
فِعْلُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما -؛ ففي صحيحِ البخاري: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا «وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ»، وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ)([10]).
معَ العلمِ أنَّ هذه الأماكنَ قدْ سَلَكَها الرسولُ - صلى اللهُ عليه وسلم - اتفاقًا لا قصدًا([11])، فَفِعْلُ ابنِ عمرَ (حجةٌ في استحبابِ تَتَبُّعِ آثارِ النبيَّ - صلى اللهُ عليه وسلم - الأرضيةِ والتبركِ بها)([12]).
الردُّ عليها:
يُجابُ عنْ هذه الشبهةِ بما يأتي:
1- أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما - لا يقصدُ التبركَ بالصلاةِ في المواضعَ التي صلَّى فيها الرسولُ - صلى اللهُ عليه وسلم -، إنما كانَ قصدُه شدةَ الاقتداءِ والاتباعِ للنبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم - والتشبهِ والتأسي به، فهوَ حريصٌ على بركةِ الاقتداءِ، لا على بركةِ المكانِ، فهو لمْ يتحرَّ الصلاةَ فيها لمعنى في البقعةِ.
والدليلُ على ذلكَ أنَّ تشددَه في الاتباعِ معروفُ ومشهورُ([13])، ومِنْ شواهد هذا ما رُوي: (أَنَّ ابنَ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما - كانَ يتبعُ آثارَ رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - في كُلِّ مكانٍ صلَّى فيه، حتَّى أنَّ النبيَّ - صلى اللهُ عليه وسلم - نزلَ تحتَ شجرةٍ، فكانَ ابنُ عمرَ يتعاهدُ تلكَ الشجرةِ، فيصبُّ في أصلِها الماءَ لكيلا تيبس)([14]).
ويقولُ عنه مولاه نافع: (لَوْ نظرتَ إلى ابنِ عمرَ إذَا اتَّبَعَ أثرَ النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم - لَقُلْتَ هذا مجنون)([15]).
ويقولُ أيضًا: (ابنُ عمرَ كانَ في طريقِ مكةَ يأخذُ برأسِ راحلتِه يثنيها ويقولُ: لَعَلَّ خُفٌّ يقعُ على خُفٍّ) يعني: خُفَّ راحلةِ النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم –([16]).
فَعَمَلُ ابنِ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما - لمْ يكنْ عنْ هوى، بلْ هوَ زيادةٌ في تكليفِ نفسِه - رضيَ اللهُ عنهما - في الاتباعِ، فهوَ مُتَّبِعٌ للرسولِ - صلى اللهُ عليه وسلم - في كُلِّ شئونِه الواجبِ والمستحبِ والمباحِ.
2- أنَّ هذا الفعلَ انفردَ بِهِ ابنُ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما - عَنْ جمهورِ الصحابةِ، فقدْ خالفَه سائرُ الصحابةِ ومنهم أبوه - رضيَ اللهُ عنه - كمَا سَبَقَ، وَمِنَ المعلومِ أنَّ الخلفاءَ الراشدين وسائرَ السابقين الأولين مِن المهاجرين والأنصارِ يسافرون مِن المدينةِ إلى مكةَ حُجَّاجًا وعُمَّارًا ومسافرين، ولمْ يُنْقَلْ عَنْ أحدٍ منهم أنَّه تحرَّى الصلاةَ في مصلياتِ النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم -، ولوْ فعلوا لَنُقِلَ إلينا كَمَا نُقِلَ فِعْلُ ابنِ عمرَ([17]).
وقدْ صَرَّحَتْ أُمُّ المؤمنين عائشةُ - رضيَ اللهُ عنها - بذلك فَقَالَتْ: (مَا كانَ أحدٌ يتبعُ آثارَ النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم - في منازلِه كَمَا كانَ ابنُ عمرَ يتبعُه)([18]).
3- أَنَّ ابنَ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما - لمْ يسافرْ لأجلِ أنْ يصلي في تلكَ المواطن، ولا ينشئَ الصلاةَ لذاتِ البقعةِ، كمَا يفعلُه الزوارُ في هذه الأيامِ، وإنما إذَا حَضَرَتْ الصلاةُ صَلَّى في تلكَ البقعةِ.
4- أنَّ ابنَ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما - كانَ حريصًا على عدمِ الامتنانِ بهذه الأماكن، ودليلُ ذلكَ ما أخرجَه البخاري في صحيحِه أنَّ ابنَ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما - قَالَ: (رَجَعْنَا مِنَ العامِ المقبلِ فَمَا اجتمعَ منا اثنان على الشجرةِ التي بايَعْنَا تحتَها، كانتْ رحمةً مِنَ اللهِ)([19]).
وأوضحَ الحافظُ ابنُ حجر - رحمهُ اللهُ - أنَّ خفاءَ الشجرةِ التي بايعَ النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم - أصحابَه تحتَها بيعةَ الرضوان كانَ لحكمةٍ، وهيَ: (أَنْ لا يحصلَ بها افتتانٌ لِمَا وَقَعَ تحتَها مِنَ الخيرِ، فلوْ بَقَيتْ لما أمنَ تعظيمَ بعضِ الجُهَّالِ لها حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقادِ أنَّ لها قوةَ نَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ، كمَا نراهُ الآن مشاهدًا فيما هو دونَها، وإلى ذلكَ أشارَ ابنُ عمرَ بقولِه: (كانتْ رحمةً مِنَ اللهِ)، أي كانَ خفاؤُها عليهم بعدَ ذلكَ رحمةً مِنَ اللهِ تعالى)([20]).


([1]) تتابع الرافضةُ على التصنيف في تقديس المزارات والمشاهد، ففي كتاب "بحار الأنوار" للمجلسي بكتاب "المزار" استغرق ثلاثة مجلدات، وفي "وسائل الشيعة" للحر العاملي أبواب المزار بلغت ست ومائة باب، وفي "الوافي" للكاشاني أبواب المزارات والمشاهد عَدَّدَ ثلاث وثلاثون بابًا، أما الكتب المستقلة فمنها "كتاب المزار" لمحمد بن علي الفضل، وكتاب "المزار" لمحمد بن المتهدي، وكتاب "المزار" لمحمد بن همام، وغيرهم.

انظر: أصول مذهب الشيعة، د.ناصر القفاري، (2/476-477)، ومسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة، له، (1/300-301)، والشيعة والتصحيح: الصراع بين الشيعة والتشيع، د.الموسوي، ص(91).

([2]) أفدت في الرد على الشبهتين الأولى والثانية من التبرك وأنواعه وأحكامه، (349-350)، والتبرك المشروع والتبرك الممنوع، العلياني، ص(68-70)، وحكم زيارة أماكن السيرة النبوية، ص(21).

([3]) رواه البخاري، (1/109)، ومسلم، (1/455).

([4]) فتح الباري، ابن حجر، (1/622)، منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة من خلال كتابه فتح الباري، محمد بن إسحاق كندو، (2/1022-1030).

([5]) اقتضاء الصراط المستقيم، ابن تيمية، (2/755)، والاستغاثة في الرد على البكري، له، (2/434).

([6]) رواه مسلم، (1/55).

([7]) فتح الباري، ابن حجر، (1/623).

([8]) التبرك المشروع والتبرك الممنوع، العلياني، ص(69).

([9]) حكم زيارة أماكن السيرة النبوية، ص(12).

([10]) رواه البخاري، (1/124).

([11]) اقتضاء الصراط المستقيم، ابن تيمية، (2/750).

([12]) انظر: فتح الباري، ابن حجر، (1/569).

([13]) انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي، (3/213، 237)، فتح الباري، ابن حجر، (1/569).

([14]) سير أعلام النبلاء، الذهبي، (3/213)، وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم، ابن تيمية، (2/743).

([15]) حلية الأولياء، أبو نعيم، (1/310)، فتح الباري، ابن رجب، (3/428).

([16]) المصدران السابقان.

([17]) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، ابن تيمية، (2/756).

([18]) طبقات ابن سعد، (4/145)، فتح الباري، ابن حجر، (3/428).

([19]) رواه البخاري، (6/136).

([20]) فتح الباري، (6/137)، وأورد على سبيل الاحتمال معنى آخر لكلام ابنِ عمرَ، حاصلُه أَنَّ الشجرةَ موضع رحمةِ اللهِ؛ لنزولِ الرضا على المؤمنين عندها.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
شبهاتُ المخالفين بتعظيم الأماكن في مكة والردُّ عليها 1.doc doc
شبهاتُ المخالفين بتعظيم الأماكن في مكة والردُّ عليها 1.pdf doc

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى