صلاة حفظ الإيمان من الصلوات المبتدعة المخصوصة لغرض ديني

صلاة حفظ الإيمان من الصلوات المبتدعة المخصوصة لغرض ديني






إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ فمن الصلوات المبتدعة ما يذكره بعض المتصوفة في كتبهم بما يسمونها "صلاة حفظ الإيمان"، وتبعهم على ذلك بعض فقهاء الشافعية كما في "نهاية الزين"[1]، ولها عندهم صفات متنوعة، ذكرها اللكنوي وأنكرها كما أنكرها غيره من أهل العلم، كالشاطبي، وأبي حفص الموسلي، والفيروز آبادي، والشيخ بكر أبو زيد، واعتبروها من البدع المحدثة.
ومن تلك الصفات:
  • ركعتان تصليان بعد ركعتي الظهر المسنونتين، يقرأ في الأولي بعد الفاتحة آية: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الأعراف: 54] إلى قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] وفي الثانية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277] إلى آخر سورة الكهف، ويقول في السجدة في الركعتين – ثلاث مرات -: يا حي يا قيوم ثبتني على الإيمان، ويقول بعد ما يسلم: سبحان من لم يزل كما هو الآن، سبحان من لايزال يكون كما كان وكما هو الآن، سبحان من لا يتغير بذاته ولا في صفاته ولا في أسمائه بحدوث الأكوان، سبحان الدائم القائم، سبحان القائم الدائم، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق وهو حي لا يموت، سبحان الأول المبدئ، سبحان الباقي المغني، سبحان من تسمى قبل أن يسمي، سبحان العلي الأعلى، سبحانه وتعالى، سبحانه سبحانه سبحانه {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 83] ويقول في السجدة في الركعتين – ثلاث مرات – يا حي يا قيوم ثبتني على الإيمان.
  • ركعتان تصليان ليلا، يقرأ بعد الفاتحة في كل ركعة: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] الآية، وآية: {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101] ويقول بعد السلام: اللهم إني أسألك إيمانًا دائمًا، وأسألك قلبًا خاشعًا، وأسألك علما نافعًا، وأسألك يقينًا صادقًا، وأسألك دينًا قيما، وأسألك رزقًا طيبًا، وأسألك عملًا متقبلًا، وأسألك العافية من كل بلية، وأسألك حسن العافية ودوام العافية، وأسألك تمام العافية، وأسألك الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس، برحمتك يا أرحم الراحمين.
  • أربع ركعات تصلى يوم الجمعة، في كل ركعة بعد الفاتحة يقرأ سورة الإخلاص إحدى عشر مرة، وبعد الفراغ يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة.[2]
وجميع هذه الصفات من صنع أرباب الطرق الصوفية؛ تشريعًا من عند أنفسهم لا مستند لهم عليها على الإطلاق! فمن أطاعهم من مريديهم وغيرهم ففيه شبة بأهل الكتاب الذي اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله.
ثم اعلم أن الطريق إلى حفظ الإيمان إنما هو بالعمل بما جاء في القرآن، وبمتابعة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، وقد كان من هديه التضرع إلى الله؛ أن يثبت قلبه على الإيمانن فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن أنس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"، قال: فقلنا: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: فقال: "نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله – عز وجل – يقلبها كيف يشاء"[3].
وأخرج أيضًا عن عائشة قالت: دعوات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر يدعو بها: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"، قالت: فقلت: يا رسول الله إنك تكثر تدعو بهذا الدعاء؟ فقال: "إن قلب الآدمي بين أصبعين من أصابع الله – عز وجل – فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه"[4]، هذا هو هديه صلى الله عليه وسلم في فعل الأسباب المعينة على حفظ الإيمان، ولم يرد عنه إحداث صلاة خاصة لحفظ الإيمان لا في حديث صحيح، ولا ضعف بل ولا موضوع.
فعلى العبد أن يسأل ربه توفيقه وتثبيت قلبه على دينه مسألة المضطر، ويعوذ به من خذلانه عياذ الملهوف، ويلقي نفسه بين يديه طريحًا ببابه مستسلمًا له، ناكس الرأس بين يديه، خاضعًا ذليلًا مستكينًا خضوع من لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، والموفق من هداه الله للإبمان وثبته عليه حتى يلقاه، قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: 7، 8]
فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.

الهوامش:
[1] (1/107)، وكذا (حاشية الجمل على المنهج)، 2/175.
[2] ذكر هذه الصفات اللكنوي في (الآثار المرفوعة) ص106- 109.
[3] أخرجه أحمد 19/160، (12107)، وصححه الألباني، وأخرجه مسلم (2654) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، بنحوه.
[4] أخرجه أحمد، 41/151، (24604)، وقال محققوه: صحيح لغيره.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
صلاة حفظ الإيمان من الصلوات المبتدعة المخصوصة لغرض ديني doc
صلاة حفظ الإيمان من الصلوات المبتدعة المخصوصة لغرض ديني pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى