المخالفات العقدية التي يتضمنها الريكي والعلاج البراني: الاستعانة والاستغاثة بغير الله

المخالفات العقدية التي يتضمنها الريكي والعلاج البراني: الاستعانة والاستغاثة بغير الله






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد: من المخالفات التي يتضمنها الريكي والعلاج البراني، والاستعانة والاستغاثة من العبادات التي يتوجه بهما المسلم إلى الله تعالى، ويقصد بالاستعانة: لغة" طلب العون"[1].
وشرعا:" الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة به في تحصيل ذلك"[2]، ومن أدلتها قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا استعنت فاستعن بالله"[3]، والاستغاثة:" طلب الغوث وهو الإنقاذ من الشدة والهلاك"[4]، وللاستعانة والاستغاثة بغير الله نوعان:[5]
       أ-مباحة: وهي الاستغاثة أو الاستغاثة بالمخلوق الحي على أمر مباح فيما يقدر عليه، فذا:" ليس بشرك، بل هو من تعاون الخلق في المعاش وتخصيل وسائل الحياة"[6].
       ب-محرمة: كالاستعانة بالأموات، أو الاستعانة بالمخلوق على أمر لا يقدر عليه إلا الله تعالى، "والاستعانة بغير الله في شفاء مريض أو إنزال غيث أو إطالة عمر، وأمثال هذا مما هو من اختصاص الله تعالى نوع من الشرك الأكبر الذي يخرج من فعله من ملة الإسلام، وكذا الاستعانة بالأموات أو الغائبين عن نظر من استعان بهم من ملائكة، أو جن أو إنس في جلب نفع أو دفع نوع من الشرك الأكبر الذي لا يغفر الله إلا لمن تاب منه، لأن هذا النوع من الاستعانة قربة وعبادة"[7]، وكذلك تحرم الاستغاثة بالأموات، أو بمخلوق قادر فهذا شرك، قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].
       ومن أمثلة الاستعانة والاستغاثة المحرمة في "الريكي والعلاج بالبرانا" ما يلي:
       الاستعانة بالطاقة: تعد الطاقة "كي-تشي- برانا" العنصر الرئيس في الريكي والعلاج البراني،" ولها أهمية كبرى في العقائد والفلسفات التي بنيت عليها، ولذلك فإنه يعول عليها في الحاجات والنوائب، ومن ثم تكون الاستعانة بها أمرا متوقعا"[8]، والاستعانة بالطاقة عند بدء العلاج بـــــ"الريكي" يعد من الأمور الأساسية حيث يطلب المعالج من الطاقة الحضور والمساعدة[9]، ويعتقد أصحاب هذه الفلسفة أن الطاقة تخدم كوسيط لتسريع معدل الشفاء الطبيعي"[10]، كما يزعمون أن بإمكانهم الاعتماد عليها في أي وقت[11]، لقد سبق الحديث عن ماهية الطاقة، حيث اتضح أنها أمر مطلق لا يمكن إدراكه أو وصفه، فكيف يستعان بها في العلاج والتداوي ،و كيف يستعان بما لا يدرك في أمر لا يقدر عليه إلا الله؟
       الاستعانة بالمرموز: ومنها اللفظي والشكلي، وتظهر الاستعانة بالرموز في "الريكي والعلاج البراني" في ترديد بعض الألفاظ والتي تسمى مانترات وهذه الالفاظ عادة ما ترمز إلى معتقدات وثنية مقدسة ومن أشهرها:" أوم" والتي تعد اختصارا للفلسفة البوذية بأكملها، حيث:" اختصرت في ما يقارب مائتي كلمة، ثم تم تكثيفها إلى ثمانية عشر مقطع صوتي، ثم اختصرت إلى مقع صوتي واحد هو "أوم"[12] ومما يلحظ أن بعض التعليمات الموجهة للمعالجين بالطاقة توصي بعدم الجهر بالألفاظ الشركية أمام المريض، وأن يكتفي المعالج بذكرها في نفسه، ومن الرموز ما هو شكلي، وتسهم هذه الرموز-حسب زعمهم- في توجيه طاقة الريكي إلى المكان أو الجزء الذي يقصده المعالج فهي كالمفتاح الذي يسهم في جلب الطاقة وتوجيهها[13]، يقول أحد رواد "الريكي" العرب متحدثا عن الرموز :" هي مظاهر لكائنات نورانية تشبه في تركيبها الطلسم ولتفعيلها ينبغي رسمها بدقة ثم لفظ اسمها بوضوح"[14]، ويقول آخر عن دور تلك الرموز في حماية المعالج من المتعالج" إنني على يقين كامل أن تفعيلك للموز كاف بدرجة كبيرة أن تفتت كل الطاقات السلبية التي ممكن أن تصدر من المريض"[15]، ولكل رمز من هذه الرموز اسم وهدف يستخدم لأجله، ومن هذه الأهداف:" طلب الحماية، إرسال طاقة العلاج لأشخاص بعيدين، طلب الإعانة من طاقة بوذا"- عياذا بالله-فكيف لعاقل فضلا عن مسلم أن يعتقد في الرموز قدرة مستقلة ليطلب منها جلب نفع أو دفع ضر.
       وقد نهى عن الرقية بألفاظ أعجمية، أو ما لا يعرف معناه خشية أ يكون فيها شرك، فكيف إذا علم ذلك أو غلب على الظن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- عن الرقى الأعجمية:" هي تتضمن أسماء رجال من الجن يدعون، ويستغاث بهم ويقسم عليهم بمن يعظمونه فتعطيهم الشيطان بسبب ذلك بعض الأمور، وهذا من جنس السحر والشرك"[16].
       الاستعانة بالأرواح: وتهر الاستعانة بالأرواح عند بعض ما يعالجون ب"الريكي أو البرانا" حيث يعتقدون أن هذه الأرواح تخدم كوسيط لتسريع الشفاء، وقد تبدأ جلسة "الريكي" بطلب حضور روح "يوسوي"[17]، وفي العلاج البراني يوجه الدعاء إلى "الكائنات الإلهية، أو المرشدين الروحيين، حيث يتضرع المعالج لطاقة الشفاء ووسطاء الشفاء، الذين يعالجون ويتحكمون بطاقة الشفاء، وبالجسم الطاقي للمريض، وبالتالي يضمنون سلامة المرضى"[18]-حسب زعمهم-، كما ينتسب مؤسس العلاج البراني عدد من تعليمات العلاج التي تلقاها إلى روح معلمه "مي لينغ".
       وسواء كان ما سبق من دعاوى الاستعانة بالأرواح حقيقة أو كذبا وإيهاما فإن الاستعانة أو الاستغاثة بالأموات، أو بالأحياء غير القادرين الذين يعتقد المستغيث بأن لهم قوة خفية من الشرك[19].
       وما يدعيه هؤلاء" من قدرتهم على تحضير أرواح من يشاءون من الأموات ويكلمونها ويسألونها فهذه ادعاءات باطلة ليس لها ما يؤديها من النقل ولا من العقل، بل إن الله سبحانه وتعالى هو العالم بهذه الأرواح والمتصرف فيها، وهو القادر على ردها إلى أجسامها متى شاء ذلك، فهو المتصرف وحده في ملكه وخلقته لا ينازعه منازع، ومن يدعي غير ذلك فهو يدعي ما ليس له به علم، ويكذب على الناس فيما يروجه من أخبار الأرواح، إما لكسب مال، أو لإثبات قدرته على ما يقدر عليه غيره، أو للتلبيس على الناس لإفساد الدين والعقيدة، وما يدعيه هؤلاء الدجالون من تحضير الأرواح إنما هي أرواح شياطين يخدمها بعبادتها وتحقيق مطالبها، وتخدمه بما يطلب منها كذبا وزورا في انتحالها أسماء من يدعونه من الأموات، قال تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 112، 113]، ولو فرضنا أن هؤلاء الإنس لا يتقربون إلى الأرواح التي يستحضرونها بشيء من العبادة فإن ذلك لا يوجب حل ذلك وإباحته، لأن سؤال الشياطين والعرافين والكهنة والمنجمين ممنوع شرعا، وتصديقهم فميا يخبرون به أعظم تحريما وأكبر إثما بل هو من شعب الكفر"[20].
       "والاستعانة بما لا يدرك ولا يعلم هي استعانة شركية-بلا شك- إذ أن علم المستعان به من شروط طلب الإعانة منه، وليس المقصود بالإعانة بمعنى التقوي بالشيء كالاستعانة بالعصا على القيام، وإنما المقصود بالاستعانة هنا هو طلب الإعانة، وهذا النوع يلزم منه علم المتسعان به"[21].


الهوامش:
[1] شرح ثلاثة الأصول، محمد العثيمين (62).
[2] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (39).
[3] أخرجه الترمذي، صفة القيامة (59) (2516) (4/667)، والحديث صححه الألباني.
[4] شرح ثلاثة الأصول، ابن عثيمين (65).
[5] المرجع السابق (62-63-66).
[6] المرجع السابق (173).
[7] فتاوى اللجنة الدائمة (1/172).
[8] انظر: التطبيقات المعاصرة لفلسفة الاستشفاء الشرقية، هيفاء الرشيد (392).
[9] انظر: الوجوه الأربعة للطاقة، جمان السيد (51، 56).
[10] الشفاء بالطاقة الحيوية، أحمد توفيق (37).
[11] انظر: الريكي للمبتدئين (96).
[12] المبدأ الفريد للفلسفة والعلم في الشرق الأقصى، جروج أوشاوا (19).
[13] الوجوه الأربعة للطاقة، رفاه وجمان السيد (54).
[14] الريكي، جمان السيد (23).
[15] الريكي سؤال وجواب شريف هزاع (12).
[16] مجموع الفتاوى ، ابن تيمية (19/61)، (1/362).
[17] سبق الحديث عنه، وهو من تنسب إليه نشأة الريكي.
[18] التناغم "الاتومنيت" (5).
[19] انظر: شرح الأصول، ابن عثيمين (63، 66).
[20] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، عبد العزيز بن باز (3/311-312).
[21] التطبيقات المعاصرة لفلسفة الاستشفاء، هيفاء الرشيد (511).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
المخالفات العقدية التي يتضمنها الريكي والعلاج البراني: الاستعانة والاستغاثة بغير الله doc
المخالفات العقدية التي يتضمنها الريكي والعلاج البراني: الاستعانة والاستغاثة بغير الله pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى