خطورة الإعراض عن محبة الله ورسوله

خطورة الإعراض عن محبة الله ورسوله





لا يخفى على الناظر ما آلت إليه أمة الإسلام اليوم من ضعفٍ في الأخذ بكتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم علمًا وعملًا، وما نتج عن ذلك من تخلف في ميادين الحياة الدنيا، وهوانها على أمم الأرض، ولذلك الضعف والتخلف أسبابٌ عدة، ولا شك أن معرفة السبب الرئيس والداء العضال هو الطريق إلى الخروج بالأمة مما هي فيه.

وقد جنح أقوامٌ إلى التضخيم والتهويل من مخططات الأعداء، وما يمكرونه بالليلِ والنهار، من أجل صدِّ الأمة عن سبيل الله وإدخالها في عوج المسالك، وخُيل لبعضٍ من الناسِ أن الأمة باتت في مهبِّ عاصفة هوجاء، تتقاذفها أهواءُ الأعداء، فصاروا يرقبون من خلال وسائل الإعلام ما يريدُ الأعداء بهم، ليرسموا من خلال ذلك صورةً متشائمةً لمستقبلهم؛ مما نتج عنه الإحباط والقعود، والعزوف عن العمل المثمر والإصلاح المنشود.

ومع ما لكيد الأعداء من أثرٍ لا يُنكر، إلا أن الـمُوَفَّقِين من هذه الأمة يعزون السببَ الرئيس إلى الأجواء الداخلية، التي استشرت في جسدِ الأمة؛ فأبعدتها عن حقيقة الدين وأسباب النصر والتمكين.

ولاريبَ أن صلاح الأمة في صلاح أفرادها، ولاريبَ أن صلاح الأفراد في قيامهم بما أوجب اللهُ عليهم ظاهرًا وباطنًا، ومن أعظم ما يُؤمر به الناس إصلاح قلوبهم، والحذر من معاصي القلوب، فهي أشدُّ من معاصي الجوارح، فكما أن المعاصي تُكْتَسَبُ بالجوارح، فإنها تُكْتَسَبُ بالقلب أيضًا، وهي من باطن الإثم الذي أمرنا ربُّنا بتركه؛ فقال: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} [الأنعام: 120].

أقسام المعاصي القلبية وأمثلتها:

المحرمات القلبية ضربان:

الأول: ما يكون كفرًا؛ كالشك، والنفاق، والشرك، وتوابعها.

الثاني: ما يكون معصية دون الكفر؛ وهي نوعان:

(1) كبائر: ومثَّلَ لها ابنُ القيم بالرياء، والعُجب والكِبر، والفخر، والخيلاء، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والفرح والسرور بأذى المسلمين، والشماتة بمصيبتهم، ومحبة أن تشيع الفاحشة فيهم، وحسدهم على ما آتاهم اللهُ من فضله، وتمني زوال ذلك عنهم.

وتوابع هذه الأمور التي هي أشد تحريمًا من الزنا وشرب الخمر وغيرهما من الكبائر الظاهرة، ولا صلاح للقلب ولا للجسد إلا باجتنابها، والتوبة منها، وإلا فهو قلبٌ فاسدٌ، وإذا فَسَدَ القلبُ فَسَدَ البدنُ، وهذه الأمور قد تكون صغائر في حقه وقد تكون كبائر، بحسب قوتها وغلظها وخفتها ودقتها.

(2) صغائر: ومن الصغائر أيضًا شهوة المحرمات وتمنيها، وتتفاوت درجات الشهوة في الكبر والصغر بحسب تفاوت درجات المشتهي؛ فشهوة الكفر والشرك كفر، وشهوة البدعة فسق، وشهوة الكبائر معصية، فإن تركها لله مع قدرته عليها أُثِيبَ، وإن تركها عجزًا بعد بذله مقدوره في تحصيلها استحقَّ عقوبةَ الفاعلِ.

لقد وُجد - وهذا مع الأسَف الشَّديد - اعتناء الإنسان ببعضِ الأُمُور الظَّاهِرَة، أمَّا أُمُور الباطن وأعمال القُلُوب فنحنُ في غَفْلَةٍ تَامَّةٍ عنها، إذا نَظَرنا إلى الخوف من الله - جلَّ وعلا -، إلى الخَشْيَة منهُ، إلى التَّوكُّل عليهِ، إلى الصَّبر على المَصَائِب، إذا اخْتَبَرْتَ بعضَ الأخيار ... صفر في هذهِ الأُمُور!! فعلينا أنْ نُعْنَى بالبَاطن كَعِنايَتِنا بالظَّاهِر إنْ لمْ تَكُن أشد، فالمُعَوَّلْ على القُلُوب وأعمال القُلُوب: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89].

نحتاج إلى عِلاج هذهِ القُلُوب، نحتاج إلى أنْ نُزِيل هذهِ الشَّحناء وهذهِ البَغْضَاء، وهذا التَّنَافُس والتَّدَابُر والتَّقَاطُع، نحتاج إلى ذلك، نحتاج إلى تَصْفِيَة القُلُوب على مُرَادِ الله - جلَّ وعلا - ومُرَادِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، واللهُ المُستعان.

إن كثيرًا من الناس يغفلون عن المحرمات القلبية علمًا وعملًا، ومن ثَمَّ لا يستحضرونها عند تجديد التوبة من الذنوب.

 

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
خطورة الإعراض عن محبة الله ورسوله.doc doc
خطورة الإعراض عن محبة الله ورسوله.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى