بدع التلاوة

بدع التلاوة






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ إن تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار([1])، وقد وردت النصوصُ الشرعية في بيان فضل قراءة القرآن وعظم أجرها ورفعة مكانة أهلِه عند الله تعالى؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29-30].

هذه الآية سمَّاها بعضُ السلف بآية القرَّاء([2])، فقد أخبر تعالى فيها عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه ويؤمنون به، ويعملون بما فيه من: إقامة الصلاة، والإنفاق مما رزقهم الله في الأوقات المشروعة ليلًا ونهارًا، سرًّا وعلانيةً، وهم في ذلك يرجون ثوابًا من عند الله لابد من حصوله، فإن الله سيوفيهم ثواب ما فعلوه، ويضاعفه لهم بزيادات لم تخطر لهم، ويغفر لهم ذنوبهم، ويشكر القليلَ من أعمالهم وحسناتهم([3]).

وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه مرفوعًا: ((خيركُم من تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَه))([4])، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((الذي يقرأُ القرآنَ وهو ماهرٌ فيه مع السفرةِ الكرامِ البررةِ، والذي يقرأُ القرآنَ ويتتعتعُ فيه([5]) وهو عليه شاقٌّ له أجران))([6]).

لذا؛ فعلى المسلم الذي أراد الفوز والنجاة في الدنيا والآخرة أن يداوم على قراءة القرآن الكريم، بحيث لا يخلي عنه يومًا وليلة إلا ويتلو كتابَ الله، ولو بقراءة الآيات القليلة منه، فإنه يحصل له أصل القراءة([7]).

لكن ينبغي أن يراعي القارئ في ذلك كله آداب القراءة التي أمر بها الشارع، وحثَّ عليها وبيَّنها أهلُ العلم([8])، وألَّا يُحْدِثُ في القراءة شيئًا من طرائق مبتدعة وكيفيات جديدة، تخالف الآدابَ الشرعية والسنة النبوية في ذلك، لأن القراءة عبادةٌ، والعبادةُ مبناها على التوقيف والاتباع، كما تقدم.

وعلى الرغم من ذلك؛ إلا أن بعض الناس لجهلهم بالسنة المحمدية وغفلتهم عن تلك الآداب الشرعية، يُحْدِثُ في قراءة القرآن بعض المنكرات والمحدثات التي ما أنزل اللهُ بها من سلطان.

 

الهوامش

([1]) انظر: الأذكار، للنووي، ص(181-و194)، والتبيان، له، ص(22)، وفتاوى ابن الصلاح، ص(28).

([2]) كما سماها بذلك مطرف بن عبد الله - رحمه الله -.

([3]) انظر: تفسير ابن كثير، (3/532).

([4]) رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، (5027، 5028).

([5]) أي: الذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه فله أجران؛ أجرٌ بالقراءة، وأجرٌ بتتعتعه في التلاوة ومشقته، شرح صحيح مسلم، النووي، (6/85).

([6]) رواه البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة عبس، (4937)، ومسلم، كتاب الصلاة، (797).

([7]) انظر: الأذكار، النووي، ص(194).

([8]) ومن الآداب الجامعة في بيان القراءة كتاب: التبيان في آداب حملة القرآن، النووي، انظر: ص(90) وما بعدها منه.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
بدع التلاوة.doc doc
بدع التلاوة.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى