التعريف اللغوي للتوكل

التعريف اللغوي للتوكل






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ فإن التوكل من مادة (وكل)، وهو أصل صحيح يدل على اعتماد غيرك في آمرك، ومن ذلك الوكالة، والوَكّل؛ الرجل الضعيف، وُكَلَة تُكَلة، والتوكل منه، وهو إظهار العجز في الأمر والاعتماد على غيرك، وواكل فلان إذا ضيع أمره متكلًا على غيره، وسمي الوكيل لأنه يوكل إليه الأمر.
وهو في اللغة مصدر توكل يتوكل، ويتعدى بأ؛د حرفي الجر: اللام وعلى، فإذا تعدى بالللام كان معناه: التولية، فيقال؛ وكلته في الأمر فتوكل لي، أي وليته إياه فتولاه لي.
وإذا تعدى بعلى كان المعنى الاعتماد، فيقال: توكلت عليه في هذا الأمر، أي اعتمدت ليه في قضائه لي، قال الراغب: (والتوكل على وجهين، يقول: توكلت لفلان، بمعنى: توليت له، ويقول: وكلته فتوكل لي، وتوكلت عليه بمعنى اعتمدته، وواكل فلان، إذا ضيع أمره متكلًا على غيره...، ورجلًا وكلة تكلة؛ إذا اعتمد على غيره في أمره)[1].
وقال الجوهري: (والتوكل إظهار العجز والاعتماد على غيرك، والاسم: التكلان، واتكلت على فلان في أمري إذا اعتمدته، وأصله اوتكلت، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، ثم أبدلت منها التاء فأدغمت في تاء الافتعال...)[2].
وقال ابن منظور: (يقال: توكل بالأمر إذا ضمن القيام به، ووكلت أمري إلى فلان أي ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه؛ ووكل فلان فلانًا، إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته، أو عجزًا عن القيام بأمره نفسه، ووكل إليه الأمر؛ سلمه، وةوكله إلى رأيه وكلا ووكولا، تركه...)[3].
ومما سبق يتبين أن التوكل في اللغة هو الاعتماد على الغير في أي أمر من الأمور، وتفويض الأمر إليه مع الشعور بالعجز والاطمئنان والثقة في المفوض إليه.
والمتوكل على الله: الذي يعلم أن الله كافل رزقه وأمره، فيركن إليه وحده ولا يتوكل على غيره.[4]
وقال محمد بن أبي عمران: سمعت حاتمًا رحمه الله الأصم، وسأله رجل على ما بنيت أمرك هذا في التوكل على الله؟ قال: على خِصَال أربع: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنَّت به نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غَيْرِي، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتيني بغتة، فأنا أُبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله حيث كنتُ، فأنا مُستَحْيٍ منه.[5]
الوكيل من أسماء الله الحسنى:
قال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى «الوكيل» وهو القيّم الكفيل بأرزاق العباد، وحقيقته أنّه يستقلّ بأمر الموكول إليه.
وقال الغزاليّ: الوكيل هو الموكول إليه الأمور ولكنّ الموكول إليه ينقسم إلى من يوكل إليه بعض الأمور، وذلك ناقص، وإلى من يوكل إليه الكلّ، وليس ذلك إلّا الله، سبحانه وتعالى. والموكول إليه ينقسم إلى من يستحقّ أن يكون موكولا إليه، لا بذاته ولكن بالتّفويض والتّوكيل، وهذا ناقص، لأنّه فقير إلى التّفويض والتّولية؛ وإلى من يستحقّ بذاته أن تكون الأمور موكولة إليه والقلوب متوكّلة عليه، لا بتولية وتفويض من جهة غيره، وذلك هو الوكيل المطلق، والوكيل أيضا ينقسم إلى من يفي بما وكلّ إليه وفاء تامّا من غير قصور، وإلى من لا يفي بالجميع. والوكيل المطلق هو الّذي الأمور موكولة إليه، وهو مليّ بالقيام بها، وفيّ بإتمامها، وذلك هو الله تعالى فقط.
وقد ورد لفظ «الوكيل» في القرآن الكريم مرّات عديدة وذكر فيه المفسّرون أقوالا منها: حفيظا لكم، كفيلا بأموركم، شريكا (عن مجاهد) وقيل غير ذلك.
قال الشّنقيطيّ في أضوائه: المعاني كلّها متقاربة، ومرجعها إلى شيء واحد هو أنّ الوكيل: من يتوكّل عليه، فتفوّض الأمور إليه، ليأتي بالخير ويدفع الشّرّ.
وهذا لا يصحّ إلّا لله وحده جلّ وعلا. ولهذا حذّر من اتّخاذ وكيل دونه لأنّه لا نافع ولا ضارّ ولا كافي إلّا هو وحده جلّ وعلا، عليه توكّلنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
من أسماء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: المتوكّل. كما في الحديث: « ... وسمّيتك المتوكّل» وإنّما قيل له ذلك صلّى الله عليه وسلّم لقناعته باليسير والصّبر على ما كان يكره.[6]
 الهوامش:
[1] المفردات (ص/ 882)
[2] الصحاح (5/143)
[3] لسان العرب (15/272)
[4] ابن منظور، (11/734)
[5] جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، دار الحديث، القاهرة، مصر، الطبعة: 1421هـ/، لمحقق: أحمد بن علي، ص 4/ 391
[6] صالح بن عبد الله بن حميد،، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة، ص 4/1378

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
التعريف اللغوي للتوكل doc
التعريف اللغوي للتوكل pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى