الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم معناها ولوازمها

الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم معناها ولوازمها





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فإن معنى شهادة أن محمدًا رسول الله: تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.

ويجب تحقيق هذه الشهادة معرفة وإقرارًا وانقيادًا وطاعة ظاهرًا وباطنًا، يدل لذلك قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80] وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]

قال ابن تيمية: (وأما الإيمان بالرسول فهو المهم، إذ لا يتم الإيمان بالله بدون الإيمان به، ولا تحصل النجاة والسعادة بدونه، إذ هو الطريق إلى الله سبحانه، ولهذا كان ركنًا الإسلام "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله")[1].

لوازم شهادة أن محمدًا رسول الله

من المعلوم أن جميع الدين داخل في الشهادتين ومضمونهما:

أن لا نعبد إلا الله وأن نعبده بما شرع على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ونطيعه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى، والدين كله داخل في هذا، ولذلك فرض الله على جميع الخلق الإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم وطاعته واتباعه، وإيجاب ما أوجبه وتحريم ما حرمه وشرع ما شرعه.

وهو الذي شهد الله له بأنه يدعو إليه بإذنه، ويهدي إلى صراط مستقيم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45، 46] وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]

وهو الذي فرق الله به بين أهل الجنة وأهل النار، فمن آمن به وأطاعه كان من أهل الجنة، ومن كذبه وعصاه كان من أهل النار، قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80] وقد أمر الله بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في أكثر من ثلاثين موضعًا من القرآن، وقرن طاعته بطاعته.

وقد جعل الله تبارك وتعالى رسوله أسوة وقدوة يحتذى به الخلق في أقواله وأفعاله وجميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21] قال ابن كثير: "هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله"، وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى»، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى"[2]، وقال صلى الله عليه وسلم: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله"[3]، وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قوما فقال: يا قوم، إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا، فانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق"[4].



الهوامش:

[1] مجموع الفتاوى، ص 7/628.

[2] رواه البخاري، باب الاعتصام بالكتاب والسنة، كتاب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث: (7280).

[3] رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به، رقم الحديث: (2957).

[4] رواه البخاري، باب الاعتصام بالكتاب والسنة، كتاب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث: (7283)

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم معناها ولوازمها.doc doc
الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم معناها ولوازمها.dpdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى