رجيبة السيد البدوي

رجيبة السيد البدوي





في رجبية البدوي.. الحسين الأمن والبدوي حرس الحدود!!
رجبية البدوي وفصل جديد من الصراع بين السلفية والصوفية.
حزب النور استبق الاحتفالية ببيان قوي ضد الموالد والبدع أربك المشهد الصوفي.
القصبي حاول استعراض قوة الصوفية ووجه رسائل لكل أطراف العملية السياسية.
زيارة مفتي الصوفية للأقصى سيطرت على الرجبية، ودفاع القصبي عنه لم يجد أذانًا صاغية لدى أنصاره.
"سيدنا الحسين الأمن المركزي، والبدوي حرس الحدود ولا عالم إلا أزهري ولا قرآن إلا أحمدي" شطحات فلسطينية أثارت قهقهات الرواد.
الاختلاط المشبوه والمشروبات الروحية والتمايل الهستيري أبرز معالم الرجبية.
الرجبية كرست الانقسام في البيت الصوفي رغم المصالحة المزعومة.
الصوفية - عبد الرحمن علي
الحرب بين السنة والبدعة ستظل قائمة إلى يوم النفخ في الصور، ولعل هذا هو الدرس الذي عكسته الاحتفالية التي استضافتها مدينة طنطا "120 كيلو شمال القاهرة" بمناسبة رجبية أحمد البدوي، التي كانت ساحة لتجمع أبناء الطرق الصوفية الذين حرصوا على التجمع من كل محافظات الجمهورية.
بل إن وفودًا عربية من عدة دول شاركت في هذه الاحتفالية خصوصًا من فلسطين المحتلة، في تقليد جديد على مثل هذه الاحتفالية، التي بدأت بحرب ضروس شنه أعضاء حزب النور "السلفي" ثاني أكبر كتلة في البرلمان المصري الذي أصدر بيانًا ممهورًا بخاتم الحزب استنكر فيه الاحتفالية، خاصًّا فيها حلقات الذكر التي وصفها البيان بالبدعة، فلا يجوز ذكر الله بالتمايل والتراقص، ولا يجوز إقامة الموالد واستمرار الذكر ليل نهار وترك مصالح الأمة والمواطنين لمثل هذا العبث.
بيان قوي
ولاشك أن صدور هذا البيان قد ألقى بظلال التوتر على الاحتفالية التي شهدت حضورًا مميزًا خلال هذه الرجبية، بالمقارنة باحتفالات سابقة جرى إلغاؤها لأسباب أمنية، أو أُقيمت بشكل محدود، حيث سعت الطرق الصوفية من خلال هذا الحضور لاستعراض قواتها واستغلال هذا الحشد لنثر رسائلهم في كل الاتجاهات، لاسيما إلى قناة السلفيين الذين أزعج نفوذهم المتنامي أركان البيت الصوفي، مما حدا بعدد من أكبر وجهائهم للإعلان عن مضيهم قدمًا في إجراءات تأسيس الحزب الصوفي حفاظًا على نهجهم والدفاع عن قضاياهم بحسب مزاعمهم.
لاسيما أن أعدادهم تتجاوز عدة ملايين بشكل يمكنهم من إحداث توازن بينهم وبين أبناء التيار السلفي الذين أسسوا حزب النور وحصدوا مقاعد بالبرلمان، وهي اسطوانة يكررها الصوفية منذ سقوط نظام مبارك، تارة على لسان طارق الرفاعي، وأخرى على لسان أبو العزائم، وثالثة على لسان جبهة الإصلاح، دون أن نرى ترجمة لهذه المزاعم على أرض الواقع.
احتواء التمرد
المهم في هذا السياق أن مدينة طنطا كانت على موعد مع احتفالية كبيرة حرص من عبد الهادي القصبي رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية على جمع أكبر عدد من مشايخ الطرق الصوفية؛ منهم الشاذلية والسطوحية والعزمية والرفاعية والخلوتية في مسعى من جانبه لتكريس زعامته، ولجني ثمار المصالحة التي شهدها البيت الصوفي بعد أكثر من عام على اعتصام جبهة الإصلاح الصوفي في مقر المجلس الأعلى للطرق الصوفية، ورفعها راية التمرد في وجهه.
الحابل بالنابل
وفي مثل هذه الأجواء حرص رواد الرجبية على إقامة الاحتفالات وحلقات الذكر التي حُرموا منها طوال الفترة الماضية بسبب المشكلات الأمنية التي عانت منها مصر، وجاءت الاحتفالات صاخبة بدأت بالتواشيح والأناشيد الدينية والابتهالات التي قدمها هذا العام المنشد الديني عبد الرحيم دويدار، التي تراقص على نغماتها الشباب والفتيات، واختلط الحابل بالنابل كالعادة، ووقعت مخالفات أخلاقية وشرعية بين الرواد نتيجة غياب الرقابة الأمنية، وعدم حرص منظمي الاحتفالية على منع الاختلاط بين الشباب والفتيات، وهو الاختلاط الذي ظهر جليًّا في باحة المسجد الأحمدي بطنطا مستضيف الاحتفالية.
مشروبات روحية
وكان واضحًا كذلك أن المصالحة التي تحدث عنها أرباب البيت الصوفي ولململة أشلاء الطرق الصوفية لم تبدُ جلية خلال الاحتفالية التي جرت لمدة أسبوع، حيث كرس حلقات الذكر الخلاف بين الطرفين، ومسعى كل فريق لتأكيد قوته: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53]، بل إن الطريقة الواحدة انقسمت إلى أبطن وفرق، نظم كل منها حلقات ذكر وتوزيع أطعمة ومشروبات مشروعة وغير مشروعة مما يطلق عليها المصريون تأدبًا مشروبات روحية ونباتات طبية، ناهيك عن لجوء بعض الفتيات للرقص على أنغام الأناشيد تحقيقًا لمفردات الجذب الصوفية المعروفة.
مسحة تثقيفية
ورغم هذه المظاهر غير المشروعة فقد حرصت الطريقة القصبية على محاولة إعطاء الاحتفالية بالرجبية مسحة علمية، عبر تنظيم عدد من الندوات الدينية والتثقفية حاولَت خلالها الرد على الشبهات المثارة على الطرق الصوفية وموالدها، وعلى الاتهامات الموجهة للبدوي بالعمالة؛ لما يطلق عليه المصريون "الفرنساوي" في إشارة للصلات التي ربطت البدوي بالحملة الفرنسية على مصر، حيث شدد القصبي خلال هذه الندوات على الدفاع عن صاحب الرجبية، بالزعم بجهده الكبير في ترسيخ قيم التسامح والمحبة والعطاء بين الصوفية وأبناء المجتمع، فضلًا عن تمسكه بتعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بحسب مزاعم القصبي.
سجالات سياسية
ورغم حرص منظمي الرجبية على مرورها بهدوء إلا أن التجاذبات الشديدة التي تمر بها الساحة المصرية، وزيارة مفتي مصر علي جمعة "الصوفي المحترق" والمعروف بعدائه الشديد للتيار السلفي ومنهج أهل السنة والجماعة للقدس، وأداءه الصلاة في المسجد الأقصى، حيث حاول القصبي امتصاص الهجمة الإعلامية الشرسة التي شُنَّت على علي جمعة من كل حدب وصوب، لدرجة أن الأزهر الشريف "معقل الصوفية حاليًا" قد تبرأ من الزيارة وحرص على النأي بمجمع البحوث الإسلامية عنها، محاولًا الدفاع عن رفيقِه جمعة وعن شقه للصف الإسلامي بزيارة الأقصى وهو تحت الاحتلال، بالزعم بأن زيارة جمعة للقدس كانت شخصية وبهدف علمي وليس تطبيعًا، مطالبًا بعدم إعطاء الأمر أكثر من حجمه، وعدم المضي قدمًا في مهاجمة المفتي باعتباره قامة من قامات العلم في مصر، على حد قوله.
انتقادات للإسلاميين
بل إن القصبي مضى في شوط الدفاع عن "جمعة" لآخره قائلًا: "علماء الدين كعرض الفتاة؛ لا ينبغي أن نطعنهم أو نتطاول عليهم"، إلى هنا انتهى كلام القصبي الرافض لتحويل قضية شق مفتيه ورفيقه في درب التصوف والأذكار والاحتفالات للصف الإسلامي لقضية سياسية، رغم أن القصبي نفسه سعى للتحول لزعيم سياسي بدعوته القوي الوطنية لتوحيد الصفوف، ومواجهة التحديات الشديدة وتحقيق مصالح المواطن المصري بدلًا من تشتيت الجهود في الدعوة لمليونيات، في غمر واضح في قناة القوى الإسلامية الداعمة لهذه الفعاليات الضخمة حرصًا منها على ضمان تسليم المؤسسة العسكرية للسلطة لحكومة مدنية ورئيس منتخب.
انتخابات الرئاسة
وحضر الاستحقاق الرئاسي بشكل واضح خلال الرجبية البدوية على الإعلان بشكل واضح على المضي قدمًا في الدعوة لجمعية عمومية لاختيار مرشحهم الرئاسي، بعد استقبال جميع المرشحين الرئاسيين للاستماع إلى برامجهم، ثم يلي ذلك اجتماعًا للمجلس الأعلى للطرق الصوفية لتحديد هوية المرشح الرئاسي، كأن الصوفية يريدون التأكيد على دورهم المهم في هذه الاستحقاق الذي سيحدد واجهة الأحداث في مصر لمدة أربع سنوات على الأقل.
قنابل دخان
وإذا كانت الرجبية هذا العام قد مرت بشكل هادئ رغم الملفات الصعبة المسيطرة على المشهد المصري، إلا أن الضيوف العرب وخصوصًا الفلسطينيين كان لهم رأي آخر في هذا الصدد، حيث أبى الشيخ جمال الدين حسن أبو الهنود مستشار وزير الأوقاف الفلسطيني إلا أن يطلق عدد من قنابل الدخان خلال اليوم الأخير للرجبية، بزعم "أن مصر محروسة وحراسها هم أولياء الله، وأن سيدنا الحسين هو أمن مصر المركزي، وأن البدوي هو حرس الحدود، مشددًا على أن أحدًا مهما علا قدره لن يستطيع أن ينال من أولياء الله شيئًا"، متجاهلًا أن هؤلاء لا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا أو حياةً أو نشورًا، بل عزف على وتر مجاملة مستضيفه بزعم أنه لا عالم إلا أزهري، ولا قرآن إلا أحمدي بشكل أثار حالة من الاستهجان في أوساط الإعلاميين وبعض الرواد ممن نالوا قسطًا ولو معقولًا من التعليم.
الوجه القبيح
من البديهي الإشارة إلى أن الرجبية شهدت عددًا من الظواهر المؤسفة؛ منها تحول في تقليد متكرر لارتكاب موبقات أخلاقية، عبر حضور مظاهر غير أخلاقية خارج باحة المسجد، مثل الزفات الشعبية التي شهدت عروضًا راقصة وممارسة لألعاب القمار، ومقرات عديدة لشركات الاتصالات التي دائمًا ما تستغل هذه الموالد لتوزيع خطوطها وزيادة أرباحها مقابل إعداد الطعام للفقراء، وما يطلق عليه مجاذيب البدوي الذين انتشروا في الرجبية وارتكبوا تصرفات وحركات هسترية أعادت للأذهان الوجه القبيح لموالد الصوفية.

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى