مشروعية الرد على الشبهات من القرآن الكريم

مشروعية الرد على الشبهات من القرآن الكريم






الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ أما بعد: إن دعوةَ الناس إلى الله، وإخراجَهم من ظلماتِ الكفرِ والضلالِ إلى نورِ الرشدِ والهدايةِ، أعظمُ عمل وأفضل قول؛ قال الله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].

فهي مهمة الأنبياء والرسل؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، وسبيلُ آخر المبعوثين محمد بن عبد الله – عليهم أجمعين الصلاة والسلام -، وسبيلُ من اتَّبعه واقتفى أثره وسار على نهجه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].

ولأجلها كانت هذه الأمةُ الإسلامية خيرَ الأمم، وهي من الواجبات على كل مسلم مُكَلَّف حسب قدرته وطاقته؛ قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].

وهذا فضلًا عن تخصيص طائفةٍ مُؤَهَّلَة؛ مُزَوَّدة بالعلم والفقه والمعرفة لأداء هذا الواجب العظيم، وظيفة الأنبياء والمرسلين؛ قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122].

وما إن ينطلق الداعيةُ المسلم لأداء فريضة إبلاغ رسالة الإسلام إلا وتواجهه شبهاتٌ مختلفةُ الأنواع متعددة الألوان، فهي سلاحٌ ذو تأثير قوي، يثيره ويستخدمه خصومُ الدعوة الإسلامية وأعداؤها من قديم الزمان، فلم يتوقف الماكرون عن كيد المكائد، والمبطلون عن إثارة الشبهات، واستمروا فيها بكل وسائلهم المتعددة والمتنوعة.

ومنها: عرضُ أباطيلهم بصورة سهلة ومُيّسَّرَة لصدِّ الناس عن دين الله بإيقاعهم في حبائل الشكوك بذلك التمويه والتزوير، وإضافة إلى هذا؛ كان للجهل، والعادات والتقاليد والأفكار والتعليمات المتوارثة، والتعصب للدين المتوارث، والتعليم والثقافة التي يأخذها الإنسان ويتربى عليها ... إلخ، إسهامات في نبع الشبهات والافتراءات حول الداعية والدعوة.

فلما كان من شأن الدعوة أن تُثَار حولها شبهات، سواء أكانت متعلِّقة بالداعية أو المدعو أو الموضوع أو الوسائل والأساليب؛ كانت إزالتُها أمرًا واجبًا القيامُ به لكونه سببًا مهمًّا في إيضاح الحق والرجوع إليه، وتاريخ دعوات الأنبياء والرسل خير شاهد على ذلك.

وقد كان "الرد على الشبهات" أحد الطرفين الرئيسين اللذين نحَّاهما القرآنُ في دعوة الناس إلى الله، واهتمَّ بهما اهتمامًا بالغًا، فردَّ كثيرًا من الشبهات التي أثارها المدَّعُون، وناقشها مناقشةً علميةً دقيقةً، مستخدمًا فيها مناهج متعددة وأساليب متنوعة، تقوم على خصائص وركائز ذكرها المفسرون.

لقد مكثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاثة عشر عامًا من دعوته، والقرآنُ ينزل عليه لتصحيح العقيدة، وتصفية الملة الحنفية مما ران عليها من أدران الكفر والشرك وشُبَهِ الضلال والإلحاد، ولم ينزل عليه صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة الطويلة تشريعٌ إلا فرض الصلاة والحث على مكارم الأخلاق.

وصُفِّيَت العقيدةُ ونُقِّيَت القلوبُ من خلال ما قام القرآنُ به من إزاحة حجاب الشرك وظلمات الكفر وإزالة الشبهات عنها، ثم قام على البناء الشامخ للدين الذي لم تهزه أعاصيرُ الشبهات والشكوك المتواصلة من قِبَل أعداء الإسلام منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا، إلا وقوع بعض المسلمين في حبائل أعدائهم فريسةً لتلك الشُبَهِ والشكوك المُثَارة بسبب جهلهم بعقيدتهم ودينهم من جهة، وعدم إدراكهم وفهمهم لدهاء ومكر أعدائهم من جهة أخرى.

فكان القرآنُ الكريمُ بمناهجه المختلفة وأدلته القوية وبراهينه الساطعة، في الردِّ على الطاغين في دينه وشريعته، والمفترين على نبيه صلى الله عليه وسلم، بالبراهين الواضحة، والحجج البالغة، والأدلة القوية للردِّ على الشبهات وإبطالها، تدل دلالةً واضحة على مشروعية الردِّ على الشبهات وأهميته في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

كما أن الناظر في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفي أحاديثه الشريفة التي توجد فيها ينابيع ثرية، إيمانية وعلمية، يتغذى منها الداعي ويستقي الإيمان والفكر، والعلم والحكمة، والقوة والمنعة، والسلوك والمنهج، ويرى مواقف كثيرة يردُّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم على شُبَهِ المدعوين، وبيَّن لهم الحق والصواب.

وقد كان كثيرٌ من الدعاة من السلف الصالح وعلماء الأمة يرد على الشُّبَهِ متى ما احتاج إليه في الدعوة إلى الله، مستفيدًا في ذلك من الكتاب والسنة، وكل ذلك يؤكد مشروعية الرد على الشبهات، ويبين مكانته وأهميته لحفظ الدين والدعوة إليه، فمشروعيته ثابتةٌ بالكتاب والسُنَّة وسِيَر السلف الصالح.

 

الأدلة من القرآن الكريم:

هو كتاب هداية وكتاب دعوة، أنزله الله ليُخْرِجَ به الناسَ من الظلمات إلى النور، من ظلمات الكفر والشرك وضلالة الشبهات والشهوات، إلى نورِ الإيمان والهداية، وذلك بيانُ الحقِّ وإحقاقه، وكشف الباطل وإبطاله.

فهناك منهجان بارزان يسلكهما القرآن الكريم حسب ما يتلاءم مع المدعو، مراعيًا في ذلك مستواه العقلي وحالته النفسية، وظروفه الاجتماعية وملابساته البيئية؛ والمنهجان هما:

1- عرض حقائق الإسلام المُجَرَّد من الردِّ على الشبهات.

2- الرد على الشبهات بالدليل والبرهان لإبطالها وإزالتها عن نفوس المدعوين، وعرض الحق إليهم وبيانه، وهذا المنهج - وهو موضوع هذه الدراسة - قد دلَّ القرآن الكريم على مشروعيته، والأدلة كثيرة؛ منها مثلًا:

الدليل الأول: قول الله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18].

{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ}، يُخْبِرُ اللهُ سبحانه وتعالى أنه تكفَّل بإحقاقِ الحقِّ وإبطالِ الباطل، وإن كان باطلًا قبل وجوده، فإن اللهَ يُنَزِّل من الحق والعلم والبيان ما يدمغه فيضمحل، ويبيِّن لكلِّ أحدٍ بطلانَه، {فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}؛ أي: مضمحل، وهذا عامٌّ في جميع المسائل الدينية، لا يورد مُبْطِل شبهة - عقلية ولا نقلية - في إحقاقِ باطلٍ أو ردِّ حقٍّ، إلا في أدلة الله من القواطع العقلية والنقلية، ما يُذْهِبُ ذلك القول الباطل ويقمعه، فإذا هو بيِّنٌ بطلانه لكلِّ أحد([1]).

يقول الإمام الشوكاني في تفسيره لهذه الآية: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ}؛ (أي: إن ما قالوا كذبٌ وباطلٌ، بل شأنُنا أن نرمي بالحقِّ على الباطلِ، {فَيَدْمَغُهُ} أي: يقهرُه، وأصلُ الدمغِ شَجُّ الرأسِ حتى يبلغَ الدماغَ، وهي ضربةٌ قاتلةٌ، قيل أريد بالحقِّ الحجة، وبالباطل شبههم، {فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} أي: زللٌ ذاهبٌ، وقيل: هالكٌ تالفٌ)([2]).

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55].

{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} أي: نوضِّحُها ونبينُها، ونميزُ بين طريقِ الهدى والضلالِ، والغيِّ والرشادِ، ليهتدي بذلك المهتدي، ويتبين الحقُّ الذي ينبغي سلوكه.

{وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} الموصلةَ إلى سخطِ اللهِ وعذابِه، فإن سبيلَ المجرمين إذا استبانت واتضحت، أمكن اجتنابُها والبعدُ منها، بخلافِ ما لو كانت مشتبهةً ملتبسةً، فإنه لا يحصلُ المقصود الجليل([3])، ففي الآية دلالةٌ واضحةٌ على بيان الحق وكشف الباطل.

الدليل الثالث: قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} [الأنعام: 57].

أي قُل يا محمد صلى الله عليه وسلم لأهلِ الكفرِ والباطلِ: إني على برهانٍ من ربي ويقين، لا على هوى وشك، كما هم عليه من أتباع الشُّبَهِ الداحضة، والشكوك الفاسدة، التي لا مُسْتَنَد لها إلا مجرد الأهواء الباطلة([4])، ففي الآية دلالةٌ صريحةٌ على أن يخبر الداعي أهلَ الكفر والباطل، ويعلن فيهم الحقَّ الذي هو عليه، ويدعوهم إليه بالحجة والبرهان، ويردُّ على ما هم عليه من الأهواء والشبهات الباطلة.

الدليل الرابع: قوله تعالى: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 7، 8].

{وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}؛ أي: ينصر أهلَه ويستأصل أهلَ الباطل، ويرى عبادُه من نصرِه للحقِّ أمرًا لم يكن يخطر ببالِهم، {لِيُحِقَّ الْحَقَّ}؛ أي لإحقاق الحق بما يظهرُ من الشواهد البراهين على صحتِه وصدقِه، {وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ}؛ أي: إبطال الباطل مما يقيم من الأدلة والشواهد على بطلانه، {وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}؛ فلا يبالي اللهُ بهم من كرههم من إحقاقِ الحقِّ وإبطالِ الباطل([5]).

الدليل الخامس: قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ}؛ أي: بالمقالة المُحْكَمَة الصحيحةِ، قيل: وهي الحججُ المفيدةُ لليقين، {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}؛ وهي المقالة التي يستحسنُها السامعُ بها، وقيل هي الحججُ الطيبةُ الإقناعيةُ المُوجِبةُ للتصديقِ بمقدماتٍ مقبولةٍ، {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}؛ أي: بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة([6]).

ففي الآيةِ دعوةٌ صريحةٌ إلى الجدال، ومن المعلوم أن في المجادلة تخطئة المخالفِ في معتقداتِه وأفكاره، والرد على شبهاته بالحجج والبراهين، لإبطال ما هو عليه من الباطل، وإحقاق الحق وإثبات الصواب.

الدليل السادس: تَنَاولُ القرآنِ شبهات المشركين والكفار، ومناقشته إياها وكشف زيفها وإبطالها، وبيان الصواب وإثبات الحق فيها بالحجة والبرهان؛ دليلٌ على مشروعيةِ الرد على الشبهات، والأدلة من هذا النوع كثيرة؛ منها على سبيل المثال:

1- قول الله سبحانه وتعالى: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: 25]، نزلت هذه الآية حكايةً عن شبهةٍ أثارها المشركون في مصدر القرآن الكريم، وقد جاءوا بأقوالٍ متناقضةٍ عن مصدر القرآن الكريم، فقالوا تارة بأنه من اختلاقِ محمدٍ نفسِه صلى الله عليه وسلم {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} [يونس: 38]، وتارةً بأنه صلى الله عليه وسلم افتراه وأعانه عليه قوم آخرون، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4]، وتارةً بأن القرآن سِحْرٌ، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [سبأ: 43].

وقد فَنَّدَ القرآنُ هذه الشبهة، وردَّ عليها بأساليب عدة وصور مختلفة؛ فقال الله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88]، وقال سبحانه: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [هود: 13]، وقال أيضًا: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38]، وقال أيضًا جل شأنه: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور: 34].

2- أثار المشركون شبهةً بوجودِ التناقضِ في القرآن الكريم؛ فمثلًا لما قرأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قولَه تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98]، قال ابن الزيعري([7]): (يا محمد، أَلَسْتَ تَزْعُم أن عُزَيْرًا رجلٌ صالح، وأن مريم صالحة؟ قال: بلى، فقال: فإن الملائكة، وعيسى، وعزيرًا، ومريمًا يُعبدون من دون الله، فهؤلاء في النار)، فأنزل الله سبحانه وتعالى ردًّا عليه: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101]([8]).

3- انحرف المشركون في العبادةِ بالشرك، حيث جعلوا مع اللهِ آلهةً أخرى، معتقدين فيها النفع والضُّر، كما قال تعالى حكاية عنهم على إنكارهم على النبي صلى الله عليه وسلم دعوته إلى توحيد الله سبحانه وتعالى وإفراده بالعبادة، وترك عبادة الآلهةِ المزعومة: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5]، فردَّ الله سبحانه وتعالى على هذه الشبهة في كتابه العزيز بأساليب عدة، وفي مواضع كثيرة؛ منها:

قال جل وعلا: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38].

وقال جل شأنه: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22]، وقال جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج: 73]، وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21]، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87].

 

الهوامش

([1]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص(469).

([2]) فتح القدير الجامع بين الرواية والدراية في علم التفسير، الإمام الشوكاني، (30/574)، ط: دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.

([3]) تيسير الكريم الرحمن، الشيخ عبد الرحمن السعدي، ص(220).

([4]) فتح القدير، الإمام الشوكاني، ص(2/177).

([5]) تيسير الكريم الرحمن، الشيخ السعدي، ص(278).

([6]) فتح القدير، الإمام الشوكاني، (3/291).

([7]) هو عبد الله بن الزيعري بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم القرشي السهمي، أمه عاتكة بنت عبد الله بن عمرو بن وهب بن حذاقة بن جمح، وكان شديدًا على المسلمين ثم أسلم في الفتح، يُكنى أبا سعد، كان شاعر قريش وكان من أشعرهم، ومدح النبي r بعد إسلامه فأمر له بحلة، انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، (4/87).

([8]) انظر: فتح القدير، الإمام الشوكاني، ص(434).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
مشروعية الرد على الشبهات من القرآن الكريم.doc doc
مشروعية الرد على الشبهات من القرآن الكريم.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى