صفة الحياة

صفة الحياة





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد؛ فصفة الحياة من الصفات الذاتية التي تليق بجلال الله وعظمته، فهو الذي لم يزل موجودًا، وبالحياة موصوفًا، لم تحدث له الحياةُ بعد الموت، ولا يتعرضه الموتُ بعد الحياة، والحي اسمٌ من أسمائه.
أولًا الأدلة من القرآن:
1- قال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255].
2- وقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2].
3- وقال تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} [طه: 111].
4- وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 58].
5- وقال تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65].
ثانيًا ـ الأدلة من السنة ما يلي:
1- عن ابن عباس رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((اللهمَّ لَكَ أسلمتُ وبَكَ آمنتُ، وعليكَ توكلتُ، إليك أنبتُ، وبك خاصمتُ، اللهمَّ إنِّي أعوذُ بعزتك، لا إله إلا أنت، أن تضلَّنِي، أنتَ الحيُّ الذي لا يموت، والجنُّ والإنسُ يموتون))([1]).
2- وعن أُبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آيةٍ من كتابِ اللهِ معكَ أعظم؟ قال: قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلم، قال: يا أبا المنذر، أتدري أي آيةٍ من كتابِ اللهِ معكَ أعظم؟ قالَ: قلتُ: {اللهُ لا إله إلَّا هوَ الحيُّ القيومُ}، قالَ: فضرَبَ في صدري، وقال: واللهِ ليهنك العلمُ أبا المنذر))([2]).
3- وعن بلال بن يسار بن زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: حدَّثني أبي عن جدي، أنه سمعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ الذي لا إله إلا هوَ الحيُّ القيومُ وأتوبُ إليه؛ غُفِرَ له وإن كانَ فَرَّ من الزحفِ))([3]).
4- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ قالَ حين يأوي إلى فِرَاشه: أَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيم، الذي لا إله إلا هو الحيُّ القيومُ وأتوبُ إليه، ثلاث مرات؛ غَفَرَ اللهُ له ذنوبَه وإن كانتْ مثلَ زَبَدِ البحر، وإن كانت عددَ ورقِ الشجرِ، وإن كانت عددَ رملِ عالج، وإن كانتْ عددَ أيامِ الدنيا))([4]).
5- وعن أنس بن مالك رضي الله عنهقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكربه أمرٌ قال: ((يا حيُّ يا قيومُ برحمتِك أستغيثُ))([5]).
ثالثًا ـ أقوال الصحابة رضي الله عنهم في إثبات صفة الحياة:
1- ما أخرجه البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ماتَ وأبو بكر بالسنح([6])، فجاءَ فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبدُ محمدًا صلى الله عليه وسلم فإنَّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبدُ اللهَ فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يموتُ، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30])([7]).
2- وأخرج البخاري بإسناده قولَ سعد بن عبادة في حديث الإفك بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ رضي الله عنه: (يا رسول الله! إنَّا واللهِ أعذرك منه، إن كان من الأوسِ ضربْنَا عنقَه، وإن كانَ من إخوانِنا من الخزرج أمرتَنا فَفَعَلْنَا فيه أمرَك، قلتُ: فقامَ سعدُ بن عبادة وهو سيدُ الخزرج، وكان قبلَ ذلك رجلًا صالحًا ولكن احتملته الحميةُ، فقال لسعد: كذبتَ لعمرُ اللهِ، لا تقتله، ولا تقدرُ على قتلِه، فقامَ أُسيدُ بن حضير وهو ابن عم سعد، فقال لسعد بن عبادة: كذب لعمر اللهِ لنتقتلنه...)([8]).
قال ابنُ حجر: ("العَمرُ" بفتح العين المهملة: هو البقاء، وهو العمر بضمها، لكن لا يستعمل في القسم إلا بالفتح)([9])، وقال البيهقي: (فحلف كلُّ واحدٍ منهم بحياة الله وببقائه والنبي صلى الله عليه وسلم يسمعُ)([10]).
رابعًا ـ الإجماع:
ممن نقل الإجماعَ على صفة الحياة ما يلي:
1- أبو الحسن الأشعري في "رسالته إلى أهل الثغر"، التي ذكر فيها الأصول التي مضى عليها السلفُ ومن اتبعهم من صالح الخلف، الإجماع على إثبات صفة الحياة لله جل وعلا، حيث قال: (وأجمعوا أنه تعالى لم يزلْ موجودًا حيًّا قادرًا)([11])، وقال أيضًا: (وأجمعوا على إثباتِ حياة الله عز وجل ولم يزلْ بها حيًّا)([12]).
2- وقال القاضي أبو يعلي الفراء: (وقد أجمعنا ومُثْبِتُوا الصفات على أنه حيٌّ بحياةٍ وباقٍ ببقاء)([13]).
3- وممن صرَّح بنقل الإجماع وحكايته الحافظُ عبد الغني المقدسي، حيث قال: (اعلم وفقنا اللهُ وإياك لما يقضيه من القول والنية والعمل، وأعاذنا وإياك من الزيغ والزلل، أن صالحَ السلف وخيار الخلف وسادة الأئمة وعلماء الأمة اتفقت أقوالُهم وتطابقت آراؤُهم على الإيمان بالله U، وأنه أحدٌ فردٌ صمدٌ حيٌّ قيومٌ سميعٌ بصيرٌ)([14]).
4- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومنَ المعلومِ باتفاق المسلمين أن اللهَ حيٌّ حقيقةً)([15])، وقال: (وقد اتفقَ جميعُ أهلِ الإثبات على أن اللهَ حيٌّ حقيقةً)([16]).
 
الهوامش:

([1]) رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاسغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، (2717)، والبخاري (بدون الشاهد)، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى {وهو العزيز الحكيم}، (7383).

([2]) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، (810).

([3]) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، (1517)، والترمذي، أبواب الدعوات، باب في دعاء الضيف، (2572)، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه، والطبراني في المعجم الكبير، (5/89)، وقال المنذري في الترغيب، (3/280): إسناده جيد متصل.

([4]) رواه الترمذي، كتاب أبواب الدعوات، باب الدعاء عند النوم، (3394)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأحمد في مسنده، (11059)، وأبو يعلي في مسنده، (2/495).

([5]) رواه الترمذي، كتاب أبواب الدعوات، (3522)، والحاكم في مستدركه، (1/285)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (3/172).

([6]) يعني بالعالية من عوالي المدينة، وهي منازل الخزرج، بينها وبين المسجد النبوي ميل، فتح الباري، ابن حجر، (7/23).

([7]) رواه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي r ((لو كنت متخذًا خليلًا))، (3667).

([8]) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {لولا إذ سمعتموه}، (4750).

([9]) انظر: فتح الباري، ابن حجر، (8/329).

([10]) انظر: الأسماء والصفات، البيهقي، (1/290).

([11]) انظر: رسالة إلى أهل الثغر، أبو الحسن الأشعري، ص(213).

([12]) انظر: المصدر السابق، ص(214).

([13]) انظر: إبطال التأويلات، أبو يعلى الفراء، (2/446).

([14]) انظر: الاقتصاد في الاعتقاد، المقدسي، ص(78).

([15]) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (3/46، 218).

([16]) انظر: المصدر السابق، (5/196).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
صفة الحياة.doc doc
صفة الحياة.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى